من أهم التبعات الدستورية للقرار التفسيري رقم (1) لسنة 2020 الذي صدر عن المحكمة الدستورية بخصوص المادة (33) من الدستور التي تتعلق بإبرام المعاهدات والاتفاقات الدولية، أن سمو المعاهدات الدولية المصادق عليها على القوانين الوطنية قد تحول من مبدأ قضائي مقرر في اجتهادات محكمة التمييز إلى مبدأ دستوري ثابت. فأصبح الدستور الأردني يحظر إصدار أي قانون يتعارض مع الالتزامات الدولية المقررة في معاهدة دولية صادقت عليها المملكة بمقتضى قانون خاص.
ويبقى التساؤل الأبرز حول نطاق تطبيق هذا القرار التفسيري الذي جاء مقتصرا فقط على المعاهدات دون الاتفاقات الدولية، حيث ثار خلاف في الرأي العام حول ما إذا كان الحكم الدستوري القاضي بعدم جواز مخالفة القانون الوطني لمعاهدة دولية مصادق عليها ينسحب على الاتفاقات الدولية التى تمت المصادقة عليها بقانون.
إن الفقرة الحكمية في القرار التفسيري قد تصدت فقط للمعاهدات الدولية المصادق عليها بقانون، وذلك كجواب على طلب التفسير المقدم من الحكومة والذي جاء مقتصرا على بيان الرأي حول مدى جواز إصدار قانون يتعارض مع معاهدة دولية. إلا أنه يتوافق مع قواعد الاسقاط في التفسير أن يتم التمسك بهذا المبدأ الدستوري في مواجهة الاتفاقات الدولية المصادق عليها بقانون، بحيث يجب احترام الالتزامات الدولية الواردة فيها، وعدم إصدار أي قانون يتضمن تعديلا أو إلغاء لأحكام تلك الاتفاقية.
إن الفرق بين المعاهدة والاتفاق الدولي لغايات المادة (33) من الدستور قد حدده المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (1) لسنة 1962 بالقول أن المعاهدة هي اتفاق بين دولتين أو أكثر ذات طابع سياسي، في حين أن الاتفاقية هي اتفاق بين دولتين أو أكثر تتعلق بغير الشؤون السياسية.
إن هذا الاختلاف في المضمون لا يبرر إيجاد معاملة مختلفة لكل من المعاهدات والاتفاقات الدولية، خاصة وأن المشرع الدستوري قد أخضعهما لذات الأسس والقواعد المتعلقة بالتوقيع والتصديق عليهما. فالفقرة الأولى من المادة (33) تنص على أن الملك يبرم المعاهدات والاتفاقات الدولية، والفقرة الثانية من المادة نفسها تنص على أن كل معاهدة أو اتفاق تمس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة أو تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات يجب الحصول على موافقة مجلس الأمة عليها من خلال قانون تصديق. كما ساوى المشرع الدستوري بين المعاهدة والاتفاق الدولي من خلال اشتراط أن لا تكون الشروط السرية في أي منهما مناقضة للشروط العلنية.
إن ما يعزز الرأي الفقهي بأن القرار التفسيري الأخير يمتد ليشمل الاتفاقات الدولية أن المحكمة الدستورية وفي متن قرارها قد تصدت للاتفاقات الدولية وساوتها بالمعاهدات الدولية واصفة إياها من قبيل أعمال السيادة وبأنها تصبح قائمة ونافذة بعد المصادقة عليها. مما يؤكد على أن مبدأ الذي أقرته المحكمة الدستورية بسمو المعاهدات الدولية على القانون ينسحب بالضرورة على الاتفاقات الدولية التي تعلو بدورها على القانون الوطني في الأردن.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
[email protected]
ويبقى التساؤل الأبرز حول نطاق تطبيق هذا القرار التفسيري الذي جاء مقتصرا فقط على المعاهدات دون الاتفاقات الدولية، حيث ثار خلاف في الرأي العام حول ما إذا كان الحكم الدستوري القاضي بعدم جواز مخالفة القانون الوطني لمعاهدة دولية مصادق عليها ينسحب على الاتفاقات الدولية التى تمت المصادقة عليها بقانون.
إن الفقرة الحكمية في القرار التفسيري قد تصدت فقط للمعاهدات الدولية المصادق عليها بقانون، وذلك كجواب على طلب التفسير المقدم من الحكومة والذي جاء مقتصرا على بيان الرأي حول مدى جواز إصدار قانون يتعارض مع معاهدة دولية. إلا أنه يتوافق مع قواعد الاسقاط في التفسير أن يتم التمسك بهذا المبدأ الدستوري في مواجهة الاتفاقات الدولية المصادق عليها بقانون، بحيث يجب احترام الالتزامات الدولية الواردة فيها، وعدم إصدار أي قانون يتضمن تعديلا أو إلغاء لأحكام تلك الاتفاقية.
إن الفرق بين المعاهدة والاتفاق الدولي لغايات المادة (33) من الدستور قد حدده المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (1) لسنة 1962 بالقول أن المعاهدة هي اتفاق بين دولتين أو أكثر ذات طابع سياسي، في حين أن الاتفاقية هي اتفاق بين دولتين أو أكثر تتعلق بغير الشؤون السياسية.
إن هذا الاختلاف في المضمون لا يبرر إيجاد معاملة مختلفة لكل من المعاهدات والاتفاقات الدولية، خاصة وأن المشرع الدستوري قد أخضعهما لذات الأسس والقواعد المتعلقة بالتوقيع والتصديق عليهما. فالفقرة الأولى من المادة (33) تنص على أن الملك يبرم المعاهدات والاتفاقات الدولية، والفقرة الثانية من المادة نفسها تنص على أن كل معاهدة أو اتفاق تمس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة أو تحمل خزانة الدولة شيئا من النفقات يجب الحصول على موافقة مجلس الأمة عليها من خلال قانون تصديق. كما ساوى المشرع الدستوري بين المعاهدة والاتفاق الدولي من خلال اشتراط أن لا تكون الشروط السرية في أي منهما مناقضة للشروط العلنية.
إن ما يعزز الرأي الفقهي بأن القرار التفسيري الأخير يمتد ليشمل الاتفاقات الدولية أن المحكمة الدستورية وفي متن قرارها قد تصدت للاتفاقات الدولية وساوتها بالمعاهدات الدولية واصفة إياها من قبيل أعمال السيادة وبأنها تصبح قائمة ونافذة بعد المصادقة عليها. مما يؤكد على أن مبدأ الذي أقرته المحكمة الدستورية بسمو المعاهدات الدولية على القانون ينسحب بالضرورة على الاتفاقات الدولية التي تعلو بدورها على القانون الوطني في الأردن.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
[email protected]